منتديات عشيرة العوادين .. فلسطين .. حيفا .. مرج بن عامر

منتديات عشيرة العوادين ترحب بكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عشيرة العوادين .. فلسطين .. حيفا .. مرج بن عامر

منتديات عشيرة العوادين ترحب بكم

منتديات عشيرة العوادين .. فلسطين .. حيفا .. مرج بن عامر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات عشيرة العوادين .. فلسطين .. حيفا .. مرج بن عامر

    الموت قهرا .. قصة الشيخ توفيق الاسعد

    Ahmad.Yaqoub
    Ahmad.Yaqoub
    المدير العام للمنتدى


    عدد المساهمات : 69
    تاريخ التسجيل : 19/12/2010
    العمر : 36
    الموقع : www.ahmad-midhat-yaqoub.yoo7.com

    الموت قهرا .. قصة الشيخ توفيق الاسعد Empty الموت قهرا .. قصة الشيخ توفيق الاسعد

    مُساهمة  Ahmad.Yaqoub السبت أكتوبر 22, 2011 12:57 pm

    بقلم: عصري فياض - مخيم جنين -فلسطين
    الموت قهرا ً..... قصة الشيخ توفيق الأسعد ... شيخ حمولة العوادين
    هنا، وعلى بعد حوالي 20 كيلومترا شرق مدينة حيفا قرية نبتت على ضفاف مرج بن عامر الخلاب،كانت تدعى "لد العوادين "وأهلها كانوا ولا زالوا حمولة من حمايل التركمان السبعة التي سكنت المنطقة منذ مئات السنين قبل النكبة، وهذه القرية الوادعة الصغيرة لها مع النكبة مشهد مؤلم، وقصة مؤثرة كان بطلها شيخ عشيرتها الشيخ توفيق الأسعد الذي قضى شهيدا مقهورا مظلوما من فعل ما اقترفته اليد الصهيونية وعصاباتها بحق الشعب العربي الفلسطيني....
    لد العوادين... عروس تفخر بأبنائها وبالحب الساكن فيها ليل نهار
    كان تعداد القرية قبل النكبة يربوا على 1500 نسمة، منهم أكثر من 200 فارس مسلح كانت لحوافر خيولهم في مرج بن عامر صولات وجولات، وغبار يحكي صور البطولة والفداء والتضحية،كذلك النخوة والرجولة في إغاثة ومساعدة من حولهم من القرى والتجمعات التي كانت تهب للذود عن حياضها ضدد هجمات العصابات الهاغانا والشتيرن و الجيش البريطاني المستعمر، ومن القرى والبلدات التي كانت حولها ابوشوشه، والمنسي ، والغبيات، والشقيرات،وعين المنسي... .
    وكن الفرسان يشاركون الأهالي الأفراح والأتراح في مشاهد من الألفة والمحبة التي ورثوها عبر الأزمنة عن الأجداد،فتراهم على رأس كل فرح، وفي مقدمة كل ترح،يدفعهم الحب والانتماء للوطن الذي يضم العشيرة والحمولة والتراب الذي تنموا من فوقه الحياة الكريمة.
    وكان الفرسان المغاوير يأتمرون بشيخ عشيرتهم الشيخ توفيق الأسعد الذي كان يعتبر من وجهاء منطقة التركمان واللجون وأم الفحم والمثلث، وكان للشيخ أسعد الحضور الكبير بين وجهاء المنطقة لما له من سمعة عمدها بإصلاح ذات البين والكرم الأصيل في الصفات والسمات والخصال ...
    وقد نشأ الشيخ توفيق الأسعد في بيت الجاه والشيخة التي ورثها عن والده باقتدار، فشبت معه ممارسة منذ نعومة أظفاره، وكان لبيتهم الواسع الكبير الذي يحوى ديوان وعدة غرف ومضافة وبئر ماء في وسط الساحة ميزة خاصة، كان البئر الذي هو عبارة عن نبع ينبض بالماء الزلال احد علامات العز والجاه والكبرياء والأنفة التي ربت ونمت مع الشيخ توفيق الأسعد عندما كان طفلا ثم فتى ثم شابا ثم شيخا، هذا البئر كان مرآة لصور الطفولة والذكريات، فيه الحكايا والقصص ووصلات الدلعونا وظريفة الطول، وكلمات الراوي وأشعار الحادي والزجال، وكلمات الحب الطاهر النقي، وتماوج السنابل .....
    هنا ربى ونما ذلك الشيخ، حتى جاءت نذر النكبة، كان لا بد من الذود عن الحياض، فجاد الفرسان بأغلى ما يملكون، كان العدو يأتيهم من هناك ، من مستعمرة "مشمار هعيمك " التي بنيت على ارض مجاورة باعها احد البيكاوات الغرباء للاعداء خلسة، فكان مصيره القتل على يد الثوار...
    النكبة
    في ربيع عام 1948،وفي شهر نيسان بالذات اشتدد وطأت الهجمات على كل التجمعات والقرى العربية في تلك المنطقة، فكانت مذبحة بلد الشيخ التي تبعد عدة كيلومترات فقط غرب القرية والتي راح ضحيتها 86 شهيدا في معارك استمرت عدة ايام، وكان لهذا الحدث الأثر الكبير في سير المواجهات التي حصلت في المنطقة والتي كانت لد العوادين في مقدمتها، وأمام الحشودات لعصابات الشتيرن والهاغانا وكثرة العداد والعدة وكثافة النيران ، أتت تلك العصابات بعد ايام من المواجهات الضارية على الأخضر واليابس في تلك المنطقة، فأصبحت لد العوادين وما حولها أطلالا يكنها الخراب والدمار والدخان الذي أتى بنيرانه على كل شيء، فرحل من تبقى من الأهل رحلة العذاب والمرارة هائمين على وجوههم إلى الشتات ، إلى ارض بالقرب من مدينة اربد الأردنية، فزرعت الخيام وأطلق على ذلك التجمع لاحقا "مخيم اربد" ، وقد كان من بينهم الشيخ توفيق الأسعد، لكن بغير رداء الأمس، الشيخ اسعد الآن حزين مكسور الجناح،ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وأضحى في خيمة اللجوء هوائها اسود وافقها اسود وشعاع شمسها اسود، التزم الصمت كأبلغ لغة للتعبير عن ما يعاني ويعاني أهله وربعه وشعبه المنكوب...
    الدعوة
    مرت عدة سنوات على تلك الحال، والشيخ توفيق لا يغادر خيمته إلا إلى الفناء الضيق يحاكي بصمته البؤس الذي يحيط به ، وفي قلبه وقلب من حوله حلم واحد أوحد ،" هل نعود... حتما سنعود " .
    وفي يوم صيفي حار كحرارة الشوق للوطن والتراب، جاء ممثل الصليب الأحمر إلى مخيم إربد يسال الربع عن الشيخ توفيق... حملوه إليه ...قال له:-
    لقد جاءتك دعوة من وجهاء آم الفحم لزيارتهم...
    هذه الكلمات نكشت في نفسه الذكريات، هل أرى البلاد قبل أن أموت ؟!!... سأذهب إنها فرصة ليبتل شوقي الذي تصدعت منه مساحات نفسي البائسة، سأذهب... سأذهب ... رددها عدة مرات وهو يحاول اعتراض أبنائه على هذه الزيارة لخوفهم عليه.... اخرج من جوفه عبارات الأمر والنهي التي كانت ديدنه بالأمس عندما كان سيدا في قومه .... فسكت الجميع ونزلوا عند رغبته خوفا من أن يصيبه مكروه.
    اللقاء
    هنا على مفرق أم الفحم كانوا في استقباله، لقد لبسوا العباءات التي تحمل دلالات كثيرة، لقد اقتربت الحافلة التي أقلته... ها هو يترجل ... لم يعرفوه.. من يصدق آن هذا الجسد النحيل المنهك هو الشيخ توفيق الأسعد تقدموا منه عانقوه... فأجهش بالبكاء المر... مسح الحضور دموعهم بأطراف كوفياتهم ، وصحبوه إلى البيت الذي سينزل فيه..
    فكانت جلسات السمر والسهر بما فيها من حديث وشجون غير كافية في إحداث أي تغيير في نفسه المجروحة..
    طلب منهم أن يصطحبوه على هناك ... إلى ما تبقى من لد العوادين .... رفضوا بشدة خوفا عليه .... أدركوا أن مكروها سيصيبه إن نزل في أرضه المسلوبة... ولم يتعب من محاولة إقناعهم والإلحاح عليهم بالسماح له برؤية البلاد قبل أن يدركه الموت ... فنزلوا عند رغبته ولكن بشروط... أن يراها من بعيد ... من سيارة سترحل غدا لحيفا ... وسيرافقه شابان من البلدة ... لن يسمح له بالنزول من السيارة .... فوافق
    العطش القاتل
    تحركت الشاحنة التي تقل الرجال الثلاثة صوب حيفا، محملة بالوصايا والتعهدات التي قطعت ، وشقت طريقها شمالا ثم سرعان من انعطفت غربا نحو حيفا ... وكلما اقتربت من المكان زادت دقات قلبه، وأجهده العرق ... هذه هي أرضنا ... تبدوا بجمالها رغم الحزن الذي يلفها .... يا إلهي لا أكاد امسك قلبي انه يحاول أن يحطم ضلوعي ويقفز .... لحظات صعبة مرت قبل أن تتجاوز السيارة ذلك المكان....
    وبعد ساعات عادت السيارة إدراجها من حيفا على أم الفحم في المشهد الثاني من هذه الدراما المؤثرة.... لقد وصلت السيارة قرب البيت المهدم ... قرب البئر الذي يعكس ضوء الشمس بشوق الفاقد للأهل والأحبة، استحلفهم أن يتوقفوا... لم يقبلوا... صرخ وامسك المقود بكلتا يديه... انحرفت السيارة ...كادت أن تنقلب ، فتوقفت... أسرع وقفز من الباب وركض إلى فناء منزله العتيق ... رأى البئر ..فانكب علية بنهم يطفئ ظمأه الشديد شرب وشرب
    وشرب وبقي منكبا على الماء حتى أدرك مرافقوه أن مكروها قد حصل ... اسرعو نحوه فرفعوه بصعوبة بالغة ليجدوه وقد أصيب بالشلل النصفي وفقد النطق والحركة في نصف جسمه..
    فكانت عودته إلى هناك ..إلى مخيم إربد ... ليلمح اللاجئون في عينيه أثر الشوق القاتل ، فهامت روحة العاشقة إلى بارئها بعد ثلاثة ايام ليسدل الستار عن لوحة إنسانية حزينة من المعاناة والتشرد كتبت تحت خيام اللجوء

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 10:20 pm